السبت، 7 مايو 2016

الوباء الذي يدمر فتيات العالم: عقدة الوزن والهوس بالجمال

في أخر عشرين سنة انتشر في الثقافة العربية المتأثرة بالغرب نوع جديد من النضال وهو النضال ضد الدهون. ودخلت عدة مصطلحات في الاستخدام الشائع كـ"دايت"، واصبح إعلان الحرب على كل أشكال السمنة والبحث عن الجمال من الموضوعات الأساسية للحياة الحديثة.


يضغط المجتمع على النساء بطرق مباشرة وغير مباشرة بشأن أهمية اجسادهن. الفتاة التي تسير في الشارع قد يعلق غرباء على مظهرها. وحتى قد يتبرعون وينصحوها كيف تستطيع أن تكون أكثر جمالاً. والبرامج التلفزيونية، وحتى البرامج الإخبارية، قد تجعل النساء اللوات يفشلون في تلبية معايير الجمال التقليدية سخرية! 

النساء تعشن في عالم يخبرهن من لحظة ولادتهن أن جسدهن ومظهرهن هما العملة والقوة الوحيدة والأساسية في حياتهن. وأنه لا يمكن الخروج عن هذا القانون.



يُلاحظ مظهر الفتاة بشكل مزمن جداً، ومع الوقت تستوعب الفتاة هذا داخل تفكيرها، وتصبح تراقب نفسها بشكل هوسيّ. تُنفق كل الوقت بتخيل كيف ينظر العالم إليها. هل شعري مرتب؟ هل جبهتي لامعة؟ هل أبلع معدتي؟ هل أنا ابتسم النوع الصحيح من الابتسامات؟ هل هذا الرداء يجعل جسمي غير متناسق؟ هل أبدو بخير؟ حقاً؟ هل أنت متأكد أني أبدو بخير؟ استوعبوا أن جسدهم دائماً عرضة للتقييم وإن لم ينجحوا في هذا الاختبار سيفقدون اعتراف المجتمع بهم كأعضاء ذوي قيمة.

وجدت دكتورة العلوم النفسية والباحثة في الموضوع رينيه إنجلين أن السبب يتعلق بأن الفتيات اليوم يعيشون في ثقافة تهاجمهم بثلاث رسائل
الرسالة الأولى: الجمال هو أهم وأقوى صفة يمكن أن تتحلى بها الفتاة أو المرأة.
الرسالة الثانية: إن الجميلة هي هذه الفتاة في الإعلان. 
والرسالة الثالثة، التي يتم الإيحاء بها ولا تقال مباشرة: أنت لا تبدين مثل هذه المرأة أو أنت لست جميلة. 


إعلان يرسخ فكرة الجسم والمظهر الذي يجب ان تحلم كل فتاة بالحصول عليه والذي سيزيد احترام المجتمع لها.
تقول البروفيسورة رينيه "لا ينبغي أن يستغرب أحد أن في الدراسات المخبرية عندما تعرض للنساء صور من هذا القبيل (إعلانات)، حتى لبضعة دقائق فقط، يزيد الشعور بالاكتئاب والعار، ويقل احترام الذات والرضا بالجسم"

تعد عقدة الوزن والهوس بالجمال من الأمراض الاجتماعية التابعة للعالم الأول. وقد تم إستيرادها إلى العالم الثالث عن طريق الدعايات واعمال الشاشة الأجنبية من برامج وأفلام. فالهوس بالجمال هو ما يحدث عندما تنفق النساء الكثير من الوقت في القلق على أهدافهم لانقاص وزنهم، وفعالية عنايتهم بالبشرة، وشكل أيديهم وأظافرهم، ودرجة وضوح تقاسيم عضلات المعدة، وشكل أفخاذهم بدل من إعطاء هذا الجهد للتفكير بتعليمهم، أو أهدافهم المهنية، أو أسرهم أو علاقاتهم الاجتماعية.


وعندما تم سؤال الدكتورة رينيه ـلماذا لا يجب على النساء أن يتقبلن البحث عن الجمال كطريقة ممتازة للحصول على الكثير من الأمور الثمينة من المجتمع ببساطة؟ 
كان رأي الدكتورة أن هذه السلطة لاتستحق أن تتابعها المرأة بهذا الهوس فما هذه القوة التي "تنتهي صلاحيتها عند سن الثلاثين! أو ربما الأربعون إذا كانت محظوظة أو من المشاهير!؟" وتكمل لتؤكد أن أدمغتنا حساسة جداً لجمال. ونحن نعلم أن الشيء جميل فطرياً عندما نراه، والرغبة بأن تكون الفتاة جميلة هي رغبة طبيعية ومقبولة، ولا يمكن إغلاقها في الدماغ. لكن المشكلة هي عندما يكون الجمال هو الشيء الوحيد والأساسي الذي تريد أن تكونه الفتيات والنساء!

فتنصح الدكتورة رينيه النساء بـ"عدم التفكير بجسمك كمجموعة من الأجزاء المخصصة لينظر إليها أشخاص آخرون. وبدل ذلك عليك بالتفكير في الجسم كشيء واحد وكأداة للحصول على، واستكشاف، العالم"


وللتقليل من ظاهرة الهوس بالجمال تنصح بـ"الـتوقف عن اخبار الفتيات الصغيرات أنهن جميلات... لا تقول لهن انهن قبيحات! (تضحك) لا تفعل ذلك أيضاً. ولكن في كل مرة تحس أنك تحتاج إلى التعليق على مظهر فتاة صغيرة، حاول مدح واحدة من الصفات الجميلة الأخرى التي تتحلى بها.. وإليك بعض الأفكار: يمكنك أن تلاحظ أنها ذكية أو تعمل بجد أو أنها كريمة أو مثابرة أو حنونة أو شجاعة، وعندما تفعل ذلك، تقلل من ضغط النظام الذي يعلم الفتيات الصغيرات أن أفضل رهان من أجل تحسين وضعهن الاجتماعي هو السعي وراء الجمال."

المقالة كتابة سوزي طعمه
___
المصادر:

الثلاثاء، 9 فبراير 2016

أكبر أزمة في تاريخ البشرية: العدمية

العدمية هي الإيمان بأن كل المفاهيم والقيم والأخلاق والاعتقادات المنتشرة ليست إلا من تأليف البشر ذاتهم ولا أساس لهذه الأفكار في الصحة ولا يمكن إثبات أي منها. والبحث عن معنى للحياة هو مجرد آلية للتعايش توارثها الإنسان لأجل استمرار الجنس البشري. والبحث عن سبب للوجود مهمة فارغة فعقل الكائن البشري واستيعابه بدائي ولن يستطيع إيجاد الأجوبة الحقيقية.

"انطفئي! انطفئي أيتها الشمعة الوجيزة. الحياة ليست إلا ظل عابر. ليست إلا الساعة التي يقضيها الممثل البائس على مسرحه ،متخبطاً، تعباً، ثم يتوارى ولا يسمعه أحد مرة أخرى. إنها اقصوصة يحكيها أبله بصيحة عظيمة، وكلمات ضخمة، مع أنها خالية من كل معنى." -ويليم شكسبير، من مسرحية مكبيث


الفرد العدمي الحقيقي لايؤمن بشيء، وليس لديه ولاء لفرد أوفكرة، ولا أي هدف من الحياة. والقليل من الفلاسفة يعاينون أو يربطون نفسهم بالعدمية، وأشهر من ارتبط بها هو فريدريك نيتشه الذي جادل بأن لهذا الاعتقاد إذا انتشر أثار مدمرة من شأنها أن تتسبب بأكبر أزمة في تاريخ البشرية.

فيظن الفنان العدميّ إليشا شابيرو أن ميل الإنسان إلى الإيمان بأن نظام الأخلاق شيء فعال وضروري هو سلوك مثير للسخرية ويقول "إنك تفترض أن الأخلاق أو الدين أو الفلسفة يمكن أن توقف الناس عن إيذاء بعضهم البعض. ولكن غالبية الناس الذين يرتكبون مثل هذه الأمور هم مؤمنين من نوع أو آخر. يؤمنون بشكل مطلق في المنطق الذي يستخدمونه لأعمالهم. فهم إما اختاروا نظام أخلاقي يدعو إلى معاقبة كل من يسيء إلى نظرتهم للعالم، أو عقولهم تشوه معتقدهم لتبرير ما شعروا أنهم بحاجة للقيام به. من تشارلز مانسون لأدولف هتلر، يبررون قسوتهم عن طريق صياغتها بلغة الأخلاق."

أما عند سؤاله إذا كان لايؤمن بأنه هو ذاته موجود، أجاب أنه لايعطي السؤال الكثير من الأهمية لكن في نفس الوقت لايرى أن هناك شيء يؤكد وجوده وعلل إجابته بأن الناس يؤمنون بوجود ذاتهم لأنهم يحتفظون بذكريات عن ذلك وهم مقتنعون بأن ذكرياتهم حقيقة، "ولكن ماتذكره نادراً ما يكون الواقع. هذا لأن حواسنا محدودة" فبينما نحب أن نظن ذلك، إن العين في الواقع ككل الحواس الاخرى لاتستطيع أن ترى بدقة وبسرعة كل مايحدث أمامها والدماغ لا يحلل المعطيات دائماً بشكل صحيح وتخزين الذكريات قد يكون خاطئ وأيضاً فوق كل ذلك إن استطاع الإنسان أن يتفوق على كل هذه الأعباء، يكذب على نفسه بسبب مايظن أن العالم يجب أن يكون ويخترع لنفسه ذكريات ويصدقها. ويضيف أليشا في نهاية إجابته "فقط على سبيل المثال، داخل عقلي لدي صورة عن نفسي، ولكن هي بالتأكيد ليست دقيقة. كل الناس يتخيلون أنفسهم مختلفين عن حقيقتهم، أفضل أو أسواء من ما هي عليه. لذلك أستطيع أن أقول أن الشخص الذي اتصور أنني هو بالتأكيد لا وجود له. قد يوجد شخص ما، ولكن هذا الشخص ليس أنا."

أحد أعمال إليشا شابيرو. يصور فيه نفسه جالساً يشاهد بهدوء والعالم من حوله ركام.
وبسبب الخوف من العدمية ورفضها لمبدأ الأخلاق تم ربطها عبر التاريخ بالتدمير والشر وعبادة الشياطين وهتلر، ولكن ببساطة هذا خطأ جوهري فيصعب إجاد حدث إرهابي على مدى التاريخ سببه عدميّ وهتلر بالتأكيد ليس عدميّ، فككل المؤمنين الحقيقيين كان له العديد من المبادئ التي حفظها ونشرها وأمن بها بشكل مطلق وغيبي. فقد كان في إيمانه أن اليهود هم الشر. وكان يؤمن بعظمة القومية الألمانية. وأمن بفعالية القوة العسكرية لتغيير التاريخ وهذا كله يخالف العدمية، أما بالنسبة للشياطين فهي كالملائكة وبابا نويل وكابتن ماجد والمخلوقات الخيالية والمافوق الطبيعة عند العدميين غير مهمة ولاجدوى من التفكير في وجودها أو محاولة إثبات ذلك أم لا وحتى إن تم إثبات وجود أحد هذه المخلوقات المافوق الطبيعة بطريقة ما، فهي لا تتواصل مع البشر إلا بطريقة مبهمة، غامضة، ويلتبس في فهمها وسيستمر البشر في فعل مايحلو لهم والقول بأن هذه المخلوقات المافوق الطبيعة قد أمرتهم بذلك.
المقالة بحث وكتابة سوزي طعمه
---
المصادر:
Internet Encyclopedia of Philosophy (IEP) - Nihilism
Nihilists' Corner FAQ page (Elisha Shapiro)