الثلاثاء، 9 فبراير 2016

أكبر أزمة في تاريخ البشرية: العدمية

العدمية هي الإيمان بأن كل المفاهيم والقيم والأخلاق والاعتقادات المنتشرة ليست إلا من تأليف البشر ذاتهم ولا أساس لهذه الأفكار في الصحة ولا يمكن إثبات أي منها. والبحث عن معنى للحياة هو مجرد آلية للتعايش توارثها الإنسان لأجل استمرار الجنس البشري. والبحث عن سبب للوجود مهمة فارغة فعقل الكائن البشري واستيعابه بدائي ولن يستطيع إيجاد الأجوبة الحقيقية.

"انطفئي! انطفئي أيتها الشمعة الوجيزة. الحياة ليست إلا ظل عابر. ليست إلا الساعة التي يقضيها الممثل البائس على مسرحه ،متخبطاً، تعباً، ثم يتوارى ولا يسمعه أحد مرة أخرى. إنها اقصوصة يحكيها أبله بصيحة عظيمة، وكلمات ضخمة، مع أنها خالية من كل معنى." -ويليم شكسبير، من مسرحية مكبيث


الفرد العدمي الحقيقي لايؤمن بشيء، وليس لديه ولاء لفرد أوفكرة، ولا أي هدف من الحياة. والقليل من الفلاسفة يعاينون أو يربطون نفسهم بالعدمية، وأشهر من ارتبط بها هو فريدريك نيتشه الذي جادل بأن لهذا الاعتقاد إذا انتشر أثار مدمرة من شأنها أن تتسبب بأكبر أزمة في تاريخ البشرية.

فيظن الفنان العدميّ إليشا شابيرو أن ميل الإنسان إلى الإيمان بأن نظام الأخلاق شيء فعال وضروري هو سلوك مثير للسخرية ويقول "إنك تفترض أن الأخلاق أو الدين أو الفلسفة يمكن أن توقف الناس عن إيذاء بعضهم البعض. ولكن غالبية الناس الذين يرتكبون مثل هذه الأمور هم مؤمنين من نوع أو آخر. يؤمنون بشكل مطلق في المنطق الذي يستخدمونه لأعمالهم. فهم إما اختاروا نظام أخلاقي يدعو إلى معاقبة كل من يسيء إلى نظرتهم للعالم، أو عقولهم تشوه معتقدهم لتبرير ما شعروا أنهم بحاجة للقيام به. من تشارلز مانسون لأدولف هتلر، يبررون قسوتهم عن طريق صياغتها بلغة الأخلاق."

أما عند سؤاله إذا كان لايؤمن بأنه هو ذاته موجود، أجاب أنه لايعطي السؤال الكثير من الأهمية لكن في نفس الوقت لايرى أن هناك شيء يؤكد وجوده وعلل إجابته بأن الناس يؤمنون بوجود ذاتهم لأنهم يحتفظون بذكريات عن ذلك وهم مقتنعون بأن ذكرياتهم حقيقة، "ولكن ماتذكره نادراً ما يكون الواقع. هذا لأن حواسنا محدودة" فبينما نحب أن نظن ذلك، إن العين في الواقع ككل الحواس الاخرى لاتستطيع أن ترى بدقة وبسرعة كل مايحدث أمامها والدماغ لا يحلل المعطيات دائماً بشكل صحيح وتخزين الذكريات قد يكون خاطئ وأيضاً فوق كل ذلك إن استطاع الإنسان أن يتفوق على كل هذه الأعباء، يكذب على نفسه بسبب مايظن أن العالم يجب أن يكون ويخترع لنفسه ذكريات ويصدقها. ويضيف أليشا في نهاية إجابته "فقط على سبيل المثال، داخل عقلي لدي صورة عن نفسي، ولكن هي بالتأكيد ليست دقيقة. كل الناس يتخيلون أنفسهم مختلفين عن حقيقتهم، أفضل أو أسواء من ما هي عليه. لذلك أستطيع أن أقول أن الشخص الذي اتصور أنني هو بالتأكيد لا وجود له. قد يوجد شخص ما، ولكن هذا الشخص ليس أنا."

أحد أعمال إليشا شابيرو. يصور فيه نفسه جالساً يشاهد بهدوء والعالم من حوله ركام.
وبسبب الخوف من العدمية ورفضها لمبدأ الأخلاق تم ربطها عبر التاريخ بالتدمير والشر وعبادة الشياطين وهتلر، ولكن ببساطة هذا خطأ جوهري فيصعب إجاد حدث إرهابي على مدى التاريخ سببه عدميّ وهتلر بالتأكيد ليس عدميّ، فككل المؤمنين الحقيقيين كان له العديد من المبادئ التي حفظها ونشرها وأمن بها بشكل مطلق وغيبي. فقد كان في إيمانه أن اليهود هم الشر. وكان يؤمن بعظمة القومية الألمانية. وأمن بفعالية القوة العسكرية لتغيير التاريخ وهذا كله يخالف العدمية، أما بالنسبة للشياطين فهي كالملائكة وبابا نويل وكابتن ماجد والمخلوقات الخيالية والمافوق الطبيعة عند العدميين غير مهمة ولاجدوى من التفكير في وجودها أو محاولة إثبات ذلك أم لا وحتى إن تم إثبات وجود أحد هذه المخلوقات المافوق الطبيعة بطريقة ما، فهي لا تتواصل مع البشر إلا بطريقة مبهمة، غامضة، ويلتبس في فهمها وسيستمر البشر في فعل مايحلو لهم والقول بأن هذه المخلوقات المافوق الطبيعة قد أمرتهم بذلك.
المقالة بحث وكتابة سوزي طعمه
---
المصادر:
Internet Encyclopedia of Philosophy (IEP) - Nihilism
Nihilists' Corner FAQ page (Elisha Shapiro)